بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ملحوظة أختصرت كثيرا مما كتبه د / عمر المقبل لكى لا يطول الموضوع
أولا بعض الأسباب المعينة على التدبر.
السبب الأول
اليقين التـَّام أنك مع القرآن حيٌّ، مبصرٌ، مهتدٍ، وبدونه فأنت ميت، أعمى، ضال
قال تعالى
" أَوَمَنْ كَان مَيتا فَأَحيَينا ه وَجَعلنا لَهُ نورًا يَمشِي بِهِ فِي الناسِ كَمن مَثلهُ فِي الظلمَاتِ لَيسَ بِخارِجٍ مِنهَا "
فإذا كان الذي أوتي القرآن معه نور يمشي به، ففاقده يتخبط في الظلمات!.
وقال جل وعلا
" وَكَذلِكَ أَوحَينَا إِلَيكَ رُوحا مِن أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الكِتَابُ وَلَا الْإِيمَان ُ وَلَكِنْ جَعَلنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مسْتَقِيمٍ "
السبب الثاني
أن تعلم أن الأصل في خطاب القرآن أنه موجه إلى القلب
قال تعالى
" قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيل َ فَإِنهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلمؤْمِنِ ينَ "
والقلب قد وصف بالإيمان والكفر، واليقين والشك، والخوف والطمأنينة ،
إلى غير ذلك من الأوصاف التي تؤكد منزلة هذا القلب،
قال تعالى
" أَفَلا يَتدَبرُون َ الْقرْآنَ أَمْ عَلَى قُلوبٍ أَقفَالُهَ ا "
السبب الثالث
قراءة القرآن على الوجه الشرعي
قال تعالى
" وَرَتلِ الْقرْآنَ تَرتِيلاً "
وقال تعالى
" وَقُرآناً فَرَقنَاهُ لِتَقرَأَه ُ عَلَى النّاسِ عَلَى مُكْثٍ، وَنَزلنَاه ُ تَنْزِيلاً "
السبب الرابع
سماع القرآن ممن يتأثر به قلبك من القراء
وأصل ذلك، أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع القرآن من ابن مسعود
وقال صلى الله عليه وسلم :
( إني أحب أن أسمعه من غيري )
السبب الخامس
النظر في سير الصالحين، وعلى رأسهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه في تأثرهم عند قراءة القرآن
السبب السادس
قراءة ما يعين على فهم الآيات
وهذا من أهم الأمور؛ لأن الإنسان لا يمكن أن يتأثر بشيء لا يفهم معناه.
ثانيا بعض الموانع التي تمنع التدبر، أو تشغل المرء عنه
المانع الأول
الخلط بين التدبر والتفسير، فالتدبر بابه أوسع من التفسير.
فإن كثيراً من الناس يظن أنه لا بد من أن يكون على علمٍ بتفسير أي آية يتدبرها!
بل ربما خُيِّل إليه أنه لا يجوز الاقتراب من سياجه حتى يكون بمنزلة العالم المفسر
المانع الثاني
اعتقاد أن المقصود الأكبر هو إتقان التجويد، وضبط المحفوظ، وكثرة القراءة.
المانع الثالث
أمراض القلوب، والإصرار على الذنوب.
المانع الرابع
غفلة القلب، وشرود الذهن أثناء القراءة.
قال ابن مسعود وغيره من السلف:
" لا تنثروه نثر الرمل، ولا تهذوه هذّ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة ".
المانع الخامس
الاعراض عن تدبر الآيات الواردة في وعيد الكفار، أو عذاب المنافقين
المانع السادس
التقصير في تلمس معنى الغريب الذي يترتب فهم السياق عليه.
أخيراً أخي المتدبر
أكثر من الدعاء بأن يفتح الله قلبك لفهم كتابه، والعمل به،
واجتنب ما يحول بينك وبين هذا النور، من ظلمات المعاصي،
وفقك الله، وزادك قرباً وفهماً لكتابه.
ومضة في طريق التدبر
ومن وُفّق للتدبر، والعيش مع القرآن، فقد أمسك بأعظم مفاتيح حياة القلب،
وسيجد أن العيش مع القرآن لا يعادله عيش!
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.